سعت الدولة خلال الفترة الماضية إلى اتخاذ إجراءات من شأنها السيطرة على أسعار السلع، وذلك وفقاً لتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، الأمر الذي يخلق وفرا أكبر ومعروضا أضخم من السلع، مما يسهم في خلق مزيد من الاتزان داخل أسواق السلع الغذائية والأساسية.
في هذا السياق، عقد رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي بطلب من الرئيس السيسي لقاء موسعا بمقر الحكومة بالعاصمة الإدارية الجديدة، مع كبار مصنعي ومنتجي وموردي السلع الغذائية، مثل: السكر، والحبوب،
والأرز، والقمح، والطحين، والمكرونة، والشاي، والألبان، والجبن، والسمن، والزبدة، واللحوم، والزيوت، وكذا السلع الهندسية والالكترونيات، وممثلي كبريات السلاسل التجارية، يمثلون أكثر من 70% من حجم السوق.
أسعار السلع
وفي مستهل اللقاء، رحب مدبولي بالحضور بمقر مجلس الوزراء بالعاصمة الإدارية الجديدة، متقدماً لهم بخالص التهنئة بمناسبة شهر رمضان المعظم، مؤكداً أن الحكومة حرصت في ظل الأزمة غير المسبوقة التي مرت بها
الدولة المصرية، على مساندة القطاع الخاص، والسلاسل التجارية، مع إيمان واقتناع كامل بآليات السوق الحر، وتقديراً للظروف التي مر بها هذا القطاع، مشيراً إلى أن التحدي الكبير الذي طالما كان مطروحاً خلال
لقاءاته المًستمرة مع المنتجين والتجار؛ كان يتمثل في إشكالية توفير مستلزمات الإنتاج والمواد الخام وعدم توافر العملة الصعبة، وتذبذب سعر الدولار، وهو الأمر الذي تم حله نتيجة الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة.
كما شهد اللقاء عدداً من المداخلات من التجار والمصنعين وممثلي السلاسل التجارية، حيث أوضح سيف الدين عابد، ممثل عن شركة مفضل للصناعات الغذائية، أنه تم بالفعل خفض الأسعار ما بين 25 إلى 30%
للمنتجات الخاصة بشركته، حيث انخفض العدس من أكثر من 65 جنيها إلى حوالي 48 جنيهًا، وانخفض سعر الفول أيضًا من 38 جنيها إلى 27 جنيها، وكذلك انخفضت أسعار الأرز، وذلك في سوق الجملة، مضيفاً أن
شركته، رغم خفضها للأسعار كمورد في إطار مبادرات الحكومة وإجراءاتها، لم تملك القدرة على التحكم في السعر النهائي الذي يصل للمستهلك، في إشارة إلى المنافذ الصغيرة التي يتعامل معها المُستهلكون.
وفي هذا الصدد، وجه مدبولي بضرورة الوصول إلى تجار التجزئة الذين يتعاملون مع المُستهلك مباشرة، وضرورة وجود آلية لخفض الأسعار في جميع المنافذ والمحلات التجارية، حيث يعمد هؤلاء في كثير من الأحيان إلى الإبقاء على السعر مرتفعا رغم انخفاضه في سوق الجملة، مشدداً على أن دور الدولة في الفترة الراهنة يستوجب أن يشعر المواطن بالإجراءات الإيجابية التي تتم.
وخلال اللقاء، قال أحمد رحيم، المدير العام لسلاسل كارفور التابعة لشركة ماجد الفطيم للتجزئة: ملتزمون بتعديل أي قوائم أسعار سوف تصلنا مخفضة من الشركات الموردة لنا، بالسعر الجديد في خلال أقل من 24 ساعة في جميع فروع كارفور، بدون أي انتظار، على غرار ما حدث في حالة الشركات الموردة للزيوت، إذ أرسلت لنا هذه الشركات قوائم أسعار مخفضة، وقمنا بتعديلها في نفس اليوم.
من جانبه، قال الدكتور علي المصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية، إن الدولار توافر، وتم الإفراج عن معظم الخامات المطلوبة، وبدأت السوق تستجيب نسبياً لبعض التخفيضات، مشيراً إلى أنه تم عقد عدد من الاجتماعات المشتركة مع
وزارة التجارة والصناعة، بالتعاون مع الاتحاد العام للغرف التجارية، واتحاد الصناعات المصرية، بشأن الاتفاق على خفض الأسعار بشكل فوري للمنتجات والسلع التي تم خفض تكلفتها فعليا، كما تم الاتفاق مع السلاسل الأساسية على أن
يكون السعر قبل المبادرة موجوداً ويتم شطبه، وكتابة السعر الجديد بعد المبادرة بخفض يتراوح بين 15 -20%، وهناك بعض السلع يمكن أن تنخفض بأكثر من 20% مثل الفول والعدس، وهناك منتجات لا يتأثر سعرها بالدولار ومحلية فيمكن خفض سعرها أيضاً.
تخفيض الأسعار
وقال وزير التموين: ينبغي أن يكون الحد الأدنى لتخفيض الأسعار بحد أدنى بنسبة تتراوح بين 15% و20%، مستشهدًا بسعر زجاجة الزيت، مثلًا التي كان سعرها 100 جنيه، يجب أن يُرفع من عليها السعر القديم ويُكتب عليها السعر الجديد وهو 80 جنيهاً، وهكذا بالنسبة لباقي السلع الأساسية التي تشمل: الدقيق، والمكرونة، والفول، والعدس.
في هذا الصدد، وقال أيمن العشري رئيس الغرفة التجارية بالقاهرة، إن هناك عدة إجراءات اتخذتها الدولة لضبط الأسعار منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية ثم الأزمات المتلاحقة
وسبقتها خطوة مهمة وهي زيادة المخزون الاستراتيجي ليتجاوز 6 أشهر، مشيرا إلى أن هناك خططا واضحة من الدولة للتعامل مع سيناريوها حركة أسعار السلع وموجة التضخم العالمية خاصة
أنها موجة تضخم مستوردة ناتجة عن تضرر سلاسل التوريد والإمداد بجانب تضرر حركة السلع الاستراتيجية من أكبر المنتجين في العالم “روسيا وأوكرانيا” إضافة إلي أزمة سعر الدولار.
وأكد العشري، أن المعارض السلعية ساهمت بصورة مباشرة من ضبط الأسعار في الأسواق، خاصة أن المنتجات كانت متوفرة بخصومات تراوحت بين 20 إلى 30 % من السلع الرئيسية، وذلك وفق توجيهات الحكومة بالعمل على تنظيم معارض بمشاركة كبار المنتجين والشركات والتجار، ولفت إلى أنه جرى الاستعداد لعدة معارض ضخمة استعدادا لشهر رمضان.
وأوضح ، أن أزمة تضخم الأسعار طالت جميع الأسواق خاصة مع خلل سلاسل التوريد العالمية، وهذا تسبب في ارتفاع الأسعار في العالم أجمع، لكن الحكومة المصرية كانت “سباقة” واتخذت عدة إجراءات لتهدئة أوضاع السوق والحد من حركة الارتفاعات السعرية العنيفة التي شهدها دولاً أخرى، مثل التوسع في إنشاء المعارض السلعية في 27 محافظة، فكل الغرف التجارية نظمت معارض في كافة المناطق.
من جانبه، قال الدكتور بلال شعيب، الخبير الاقتصادي، إن انخفاض قيمة الدولار في السوق الموازي قد ساهم في تقليل أسعار العديد من السلع الضرورية في الأسواق، وهي سلع حيوية يتطلبها كل بيت، وأشار إلى أن هناك استقراراً في
الأسعار بالسوق، مما أثر بشكل واضح على تكلفة هذه السلع. وأضاف أن جشع بعض التجار قد أدى إلى احتكار بعض المنتجات، ولكن بفضل انخفاض سعر الدولار، زادت الكمية المتاحة من السلع، مما أدى إلى استقرار الأسعار وتالياً انخفاضها.
وبخصوص توافر السلع في الفترة القادمة وحتى شهر رمضان، أكد “شعيب” في تصريحات خاصة لـ “صدى البلد”، أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لضمان توفير الكميات اللازمة من المخزون لتلبية احتياجات المواطنين، مطمئنًا الجمهور بأن القوانين الصادرة في عام 2020 تضمن حماية المستهلكين وتعاقب أي تاجر أو مصنع يخالف الأسعار المحددة في السوق.
وذكر أن أسعار الذهب تأثرت أيضًا بالانخفاض في قيمة الدولار، حيث أن الانخفاض في سعر الدولار في السوق السوداء قد أدى إلى تراجع أسعار الذهب في الأسواق ومحلات الصاغة، متوقعًا استقرار الأسعار في المستقبل القريب.
وتوقع الخبير الاقتصادي، أن أسعار السلع الأساسية مثل الزيت والسكر والسمن ومنتجات الألبان واللحوم المجمدة تشهد انخفاضاً ملحوظاً، نتيجة للتراجع المستمر في أسعار الدولار. وأكد على أن الحكومة تعمل بجد لضمان توافر هذه السلع، خاصة مع اقتراب شهر رمضان، مطمئناً المواطنين بأن القوانين الجديدة ستحمي المستهلكين وتعاقب أي تجاوزات في الأسعار من قبل التجار أو المصنعين.