في القرن الرابع والخامس الميلادي عاش الكثير من أقباط هذه الفترة في كهف مريم وكهوف جبل الطير الذي يبعد 7 كم عن شمال مدينة الخارجة وشمال منطقة “البجوات” الأثرية ويشكل 3.5 فدان ويضم آثار وكنائس أثرية فيما تركوا الكثير من النقوش والمناظر البديعة على جدران الجبل وكهوفه وظهر شكل الصليب بشكل واضح بجوار النصوص.
فيما يعتبر جبل الطير بواحة الخارجة الذي يصل ارتفاعه لـ 12 مترًا، من أهم المناطق التاريخية القبطية فهو مرتفع مكون من هضاب متلاصقة تتخللها مغارات وكهوف أشهرها كهف مريم مكون من صخور جيرية ” الحجر الجيري” يتراوح عمر تكوينها الجيولوجي ما بين 30- 70 مليون سنة.
يقول بهجت أحمد أبو صديرة، الخبير الأثري بالوادي الجديد:”سبب تسمية المنطقة بجبل الطير هو أن الطيور المهاجرة والبرية كانت تسكنه قديما واتخذته ملاذًا لها بعيدا عن الحيوانات المفترسة والطيور الجارحة الأخرى”.
ويؤكد بهجت:”الجبل كان في بداية القرون الميلادية ملاذا للأقباط حيث هربوا له من بطش الرومان خلال حكمهم لمصر ولذلك نجد بجوار كهف مريم وجبل الطير مدينة ومقابر البجوات القديمة
والتي بها أقدم ثاني كنيسة مصرية مازالت بقايا المباني بها متواجدة حتى الآن ، كما تضم المدينة القديمة مقابر يعلوها قباب وكان يطلق عليها قبوات وحرفت بعد ذلك تسميتها بالبجوات،
ويسميها البعض “مدينة الموتى” أو “مدينة الخلود، واستخدمت هذه الجبانة كمقبرة قبل دخول المسيحية إلى الواحات، ومع فرار المسيحيين خلال عصور الاضطهاد إلى الصحراء وانتشار
المسيحية أخذ المسيحيون يدفنون موتاهم في الجبانة نفسها ويبلغ عدد مزارات هذه المقابر 263 ومن أهمها المزخرفة بالبجوات واسمهما مزاري الخروج والسلام اللذان يسردا العديد من القصص الأنبياء”.
وأضاف منصور عثمان، الخبير الأثري بالوادي الجديد:” كهف مريم استقر فيه الرهبان وكان مكانا للتعبد وبها حجرات للإعاشة وتخزين الحبوب، وجدرانه عليها نقوشا ورسومات قبطية وصلبان ورسومات للسيدة
العذراء وهي تحمل رضيعها وهناك خلاف تاريخي بين المؤرخين عن صحة استقرار العذراء به لفترة زمنية قصيرة من عدمه بينما يحتوي الكهف على كلمات قبطية عند ترجمتها تضمنت الجمل الآتية :” ذهبت لهذا المكان
لأتفرغ لعبادة ربي وأرى العالم من فوق الجبل لأراه صغيراً وأن العبادة أفضل من التزاحم والاختلاف بين البشر، بالإضافة لوجود رسومات لتعاليم الدين المسيحي وكتابات وسطور أخرى تخلد أسماء الشهداء من الأقباط”.
أضاف منصور:”الكهف محاط بعدد مغارات وكهوف صغيرة تتخذها حاليا الطيور ملاذا لحماية صغارها من الطيور الجارحة بالإضافة لأسراب غفيرة من الحمام دائما ما يستمتع برؤيتها في فترة الغروب زوار المنطقة”.
واختتم منصور كلماته بقوله:”منطقة كهف مريم وجبل الطير لا يستطيع أي سائح الذهاب إليها بدون مرشد سياحي لوعورتها وتشابه الجبال ببعضها وتعدد الكهوف بها كما أن الجبال فيها مرتفعة فيما يطالب أبناء الواحة وخاصة المهتمين بآثار الوادي الجديد بضم المنطقة لوزارة الآثار وإدراجها ضمن المزارات السياحية ضمن برامج الوفود السياحية لما سيحققه من ترويج سياحي كبير للوادي الجديد”.