تحدثت تقارير صحفية عن تلويح مصر بتعليق التزاماتها تجاه معاهدة السلام مع إسرائيل، حال أقدمت على اجتياح مدينة رفح الفلسطينية على حدود قطاع غزة مع مصر.
ونقلت وكالة الأنباء الأمريكية، أسوشيتد برس عن مصادر أن القاهرة هددت بتعليق معاهدة السلام، المعروفة أيضا باتفاقية كامب ديفيد، إذا تم إرسال قوات إسرائيلية إلى رفح في ظل تهديد الدولة العبرية بشن عملية عسكرية برية في المدينة الحدودية، جنوبي قطاع غزة.
فيما نقلت صحيفتا نيويورك تايمز وول ستريت جورنال الأمريكيتين، في تقريرين السبت الماضي، أن مسؤولين مصريين حذروا إسرائيل من إمكانية تعليق معاهدة السلام بين البلدين، حال شن القوات الإسرائيلية هجومًا على رفح.
موقف مصر من اتفاقية السلام
أكد وزير الخارجية، سامح شكري، أنه ليس لديه تعليقات كثيرة بشأن تلك المصادر التي تتحدث في الإعلام عن وقف العمل باتفاقية السلام، قائلا: استمعت لبعض التعليقات المنسوبة لمصادر غير رسمية في الإعلام حول هذا الموضوع، لقد حافظت مصر
على اتفاقية السلام مع إسرائيل على مدار الـ40 عامًا الماضية، والتي تم بموجبها إقامة العلاقات بين البلدين، فدائمًا ما تحافظ مصر على التزاماتها ما دام الأمر تبادليًا بين الطرفين، لذلك سأستبعد أي تعليقات تم الإدلاء بها في هذا الشأن.
وأضاف شكري، في مؤتمر صحفي مع نظيرته السلوفينية تانيا فايون، اليوم الإثنين، أنه على مدار الأربعين عاما السابقة، كانت هناك علاقات طبيعية، وسوف نستمر في فعل المزيد كنوع من معالجة الوضع الراهن.
وشدد على أن مصر مستمرة في اتفاقية السلام مع إسرائيل، متابعًا: نتعامل بثقة وفاعلية وسوف نستمر في هذا الأمر في هذه الحقبة، وأي تعليقات نطق بها بعض الأفراد بشأن هذا الأمر، ربما تكون قد شوهت.
اجتياح الاحتلال الإسرائيلي بلدية رفح
جاءت أنباء التهديد بتعليق اتفاقيات كامب ديفيد، التي تمثل حجر الزاوية في الاستقرار بين البلدين منذ ما يقرب من نصف قرن، بعدما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أنه أمر الجيش بالتحضير لعملية في مدينة رفح.
وحذرت حركة حماس من خطورة ارتكاب الاحتلال مجازر واسعة ومروعة في مدينة رفح، وأشارت الحركة إلى أن موقف الإدارة الأمريكية بعدم دعمها للهجوم على رفح لا يُعفيها من المسؤولية الكاملة عن تبعات هذا الهجوم.
فيما حذر مكتب الإعلام الحكومى في غزة مما وصفه بـالكارثة والمجزرة العالمية حال اجتياح الاحتلال الإسرائيلى مدينة رفح.
معبر رفح
كان عدد سكان رفح تضخم من 280 ألف نسمة إلى ما يقدر بنحو 1.4 مليون نسمة مع فرار الفلسطينيين من القتال في أماكن أخرى في غزة، وإجبار الاحتلال لهم بالنزوح أهالي فلسطين من الشمال إلى الجنوب في رفح، حيث يعيش مئات الآلاف الذين تم إجلاؤهم في مخيمات مترامية الأطراف.
ويعتبر معبر رفح نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة المحاصرة، وقد يؤدي أي هجوم إسرائيلي إلى خنق توصيل الإمدادات الرئيسية، ولكن ماذا يحدث إذا تم وقف العمل بمعاهدة السلام؟.
قال شادي محسن، باحث بوحدة الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إنه وفق معاهدة السلام يمكن لمصر أن تعلق التزاماتها لفترة مؤقتة وليس الإلغاء؛ ما يعني التحلل المؤقت من التزاماتها الواردة في المعاهدة إذا قامت إسرائيل بخرق جسيم لالتزاماتها فيها.
وأوضح محسن، في تصريحات خاصة لـالمصري اليوم، إن معاهدة السلامة تتضمن عدد من البروتوكولات، بينها: البروتوكول الاقتصادي البروتوكول الأمني الاعتراف بمناطق معينة بكم وعدد محدد ونوع معين من الأسلحة والمعدات، لافتا إلى أن وقف العمل بالاتفاقية يعني عدم الالتزام بتلك البنود، مضيفًا: وسيكون هناك انتشار غير منسق وغير مرتب بين مصر وإسرائيل.
وشدد على أن وقف العمل بمعاهدة السلام يهدد آمن إسرائيل، وهو ما اعترف به الجانب الإسرائيلي ذاته، موضحًا أن جيش الاحتلال الإسرئيلي أصبح يجاهر بالخلاف ضد نتنياهو، ويشدد على عدم المساس بمحددات الأمن القومي المصري أو المساعدات الإنساية
لقطاع غزة، واتفاقية السلام والتنسيق الحاصل بين مصر وإسرائيل عام 2005 والمتعلق بمحور فيلادلفيا الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة، حيث وقّعت إسرائيل مع مصر بروتوكولًا سُمي بروتوكول فيلادلفيا، والذي يحد من الوجود العسكري للجانبين في تلك المنطقة.
وأكد على أن فكرة وجود عملية برية إسرائيلية في رفح تعني تهديد عملية إمداد المساعدات، وهو ما يجعل مصر ترفض تمامًا وجود عملية برية في هذه المنطقة، مضيفًا: في حال وقف العمل بالمعاهدة، فلن يكون هناك أي تنسيق بكم أو عدد أو نوع المساعدات المتوجهة إلى قطاع غزة، وستصبح ورقة ضغط في يد مصر.
وتابع الباحث بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية: إسرائيل طوال الوقت أكثر تخوفًا على حدودها الجنوبية مع مصر، فهي تعتبرها الأخطر على الإطلاق، مستطردًا: إسرائيل تعرف جيدًا معنى اتفاقية سلام مع مصر، وإذا تم تعليقها أو تجميدها فهذا سيكون تهديدًا مباشرًا لأمن إسرائيل وهو ما يعترف به العسكريين الإسرائيليين.
اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل
من جانبه، قال الدكتور محمد السعيد إدريس، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إنه في حال وقف العمل باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل يعني انتهاء العلاقة الخاصة بين الدولتين، وتوقف العلاقات الدبلوماسية، والخاصة بين الدولتين؛ لتعود العلاقات إلى ما كانت عليه قبل توقيع الاتفاقية، واعتبار إسرائيل دولة معتدية على الأراضي المصرية والأمن القومي المصري.
وأوضح إدريس في تصريحات خاصة لـالمصري اليوم، أن المساعدات الإنسانية مُعلقة، والأهالي في قطاع غزة يتضورون جوعًا، مشيرًا إلى أن هجمات الطيران الإسرائيلي في رفح اليوم وأمس أسفرت عن عدد كبير من الشهداء، متسائلًا: إلى أين تتجه الأزمة؟
وأكد أن تكثيف الاحتلال الإسرائيلي من عدوانه ضد مدينة رفح جنوب غزة يرجع لعدم وجود رادع له، لافتًا إلى أن الهدف من محاولة الاحتلال لاجتياح رفح هي لفرض سيطرته الكاملة على القطاع بعد تفريغه على الأقل من نصف سكانه، والسيطرة العسكرية على النصف الآخر، أي السيطرة الكاملة على القطاع وإعادة بناء المستوطنات مرة أخرى.
هل هددت مصر بإبطال معاهدة السلام
يذكر أن وكالة الأنباء الأمريكية، أسوشيتد برس، نشرت تقريرًا سلط الضوء على تهديد مصر بإبطال معاهدة السلام التي أبرمتها مع إسرائيل منذ عقود، بين الرئيس المصري الراحل، محمد أنور السادات، ورئيس الوزراء الإسرائيلي، مناحيم بيجن، وساهمت في ترسيخ اتفاق تاريخي سمح لأكثر من أربعين عامًا من السلام بين إسرائيل ومصر، فكانت بمثابة مصدر مهم للاستقرار في منطقة مضطربة.
وأشار التقرير إلى صمود هذا السلام من خلال انتفاضتين فلسطينيتين وسلسلة من الحروب بين إسرائيل وحماس، ولكن الآن، مع دعوة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإرسال قوات إسرائيلية إلى رفح، وهى مدينة في غزة على الحدود مع مصر، تهدد الحكومة المصرية بإبطال الاتفاق، فما يمكن أن يحدث إذا تم إبطالها؟.
كيف نشأت معاهدة السلام؟
بموجب معاهدة السلام، وافقت إسرائيل على الانسحاب من سيناء، التي ستتركها مصر منزوعة السلاح، مقابل السماح للسفن الإسرائيلية بالمرور عبر قناة السويس، وهي طريق تجاري رئيسي، وفي ضوء ذلك أقامت الدولتان علاقات دبلوماسية كاملة بموجب اتفاقية السلام التي تعتبر الأولى لإسرائيل مع دولة عربية.
ما هو موقف مصر الحالي؟
لفت التقرير إلى أن مسؤولين مصريين ودبلوماسي غربي ذكروا لوكالة أسوشيتد برس، يوم أمس الأحد، أن مصر قد تعلق معاهدة السلام إذا غزت القوات الإسرائيلية رفح.
ويقول نتنياهو إن رفح هي المعقل الأخير المتبقي لحماس بعد أكثر من أربعة أشهر من الحرب، وإن إرسال قوات برية ضروري لهزيمة الحركة.
لكن مصر تعارض أي خطوة من شأنها أن تدفع الفلسطينيين إلى الفرار عبر الحدود إلى أراضيها، وتعتبر معبر رفح أيضًا نقطة الدخول الرئيسية للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة المحاصرة، وقد يؤدي أي هجوم إسرائيلي إلى خنق توصيل الإمدادات الرئيسية.
وأمر نتنياهو الجيش بإعداد خطة لإجلاء جميع المدنيين الفلسطينيين قبل بدء الهجوم، لكن من غير الواضح إلى أين سيذهبون.
وقال نتنياهو، يوم الأحد الماضي، إنهم سيكونون قادرين على العودة إلى الأماكن المفتوحة في أقصى الشمال، لكن تلك المناطق تعرضت لأضرار بالغة بسبب الهجوم الإسرائيلي.
ماذا يحدث إذا تم إبطال معاهدة السلام؟
أكد التقرير أن معاهدة السلام تحد بشكل كبير من عدد القوات على جانبي الحدود، وقد سمح هذا لإسرائيل بتركيز جيشها على تهديدات أخرى، فإلى جانب الحرب في غزة، تخوض إسرائيل مناوشات شبه يومية مع جماعة حزب الله في لبنان، بينما تنتشر قواتها الأمنية بكثافة في الضفة الغربية المحتلة.
وذكر التقرير أنه إذا ألغت مصر الاتفاق، فقد يعني ذلك أن إسرائيل لم تعد قادرة على الاعتماد على حدودها الجنوبية كواحة للهدوء، ولا شك أن تعزيز القوات على طول حدودها مع مصر سيشكل تحديًا للجيش الإسرائيلي المنتشر بالفعل، وقد يكون لذلك تداعيات على مصر أيضا.
وشددت الوكالة على أنه إذا هاجمت إسرائيل رفح، فإن ذلك سيهدد بجر مصر إلى الأعمال العدائية، الأمر الذي سيكون كارثيا على المنطقة بأكملها.