يصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى القاهرة غدًا الأربعاء، في أول زيارة له منذ نحو 12 عاما، وبعد إعادة العلاقات إلى طبيعتها خلال الفترة الماضية، وسيكون لقاؤه مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، متخما بالكثير من الملفات الثنائية والإقليمية، وعلى رأسها حسب ما صرح به أردوغان، الحرب الإسرائيلية على الفلسطينيين في غزة.
وتتشابك المصالح المصرية والتركية في العديد من الملفات الإقليمية، باعتبارهما لاعبين رئيسيين في المنطقة، ما يجعل في تقارب البلدين منافع جمة للقاهرة وأنقرة، بالإضافة إلى الانعكاسات الإيجابية على الإقليم.
ويقول السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، إن الزيارة تأتي بعد فترة من التطور في العلاقات، خصوصا بعدما تراجعت تركيا عن تدخلاتها في الشئون الداخلية المصرية دون مبرر، وبدأ العمل بمبدأ المصالح، لأن مصر وتركيا تربطهما مصالح اقتصادية وتجارية كبيرة، بالإضافة إلى التشابك في العديد من الملفات الإقليمية.
ويرى الدبلوماسي السابق، أن الحرب الإسرائيلية على غزة، ستكون في مقدمة الملفات المطروحة على طاولة الرئيسين السيسي وأردوغان، لا سيما وأن للبلدين موقفا متقاربا برفض العدوان الإسرائيلي وضرورة تقديم
المساعدات للشعب الفلسطيني، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، كما أن تركيا ترسل العديد من المساعدات إلى غزة عن طريق مصر، وتربطها بحركتي حماس والجهاد الإسلامي، أحد الأطراف المؤثرة في المشهد، علاقات قوية.
ويتفق السفير جمال بيومي، الدبلوماسي السابق، في أن تركيا قد تكون لها دور من خلال إقناع أمريكا بالتخلي عن دعم إسرائيل وإيقاف الحرب، باعتبارهما عضوان في حلف الناتو، وتربطهما كذلك علاقات قوية.
وسيأتي على رأس الملفات المهمة في محادثات الرئيسين، فيما يتعلق بالتعاون الثنائي، العلاقات الاقتصادية التي لم تتوقف أبدا رغم الخلافات السابقة، وتتجه حاليا إلى التوسع وزيادة الاستثمارات التركية في مصر.
ويرى السفير بيومي، أن الاقتصاد أحد أهم العوامل في العلاقات، ومصر لديها من الفرص لطرحها ومن بينها منطقة قناة السويس، كما يمكن استثمار موقع البلدين واتفاقياتهما مع الاتحاد الأوروبي لتحقيق المزيد من المكاسب، فتركيا تشترك مع الأوروبيين في اتحاد جمركي، بينما مصر تمتلك اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد.
وبالعودة إلى الملفات الإقليمية بين مصر وتركيا، فتأتي القضية الليبية على رأس هذه الملفات، باعتبار أن البلدين لاعبين رئيسيين في هذا الملف، وشهدت الأيام الأخيرة تقاربا بين الشرق الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وأنقرة، فيما ترتبط مصر بعلاقات طيبة مع الغرب الليبي، الذي تعد تركيا أقوى حلفائه.
ويقول السفير رخا، إن تركيا لها دور قوي في غرب ليبيا، سياسيا وعسكريا واقتصاديا، كما تتواجد جالية من أصول تركية هناك، وسيؤثر التقارب المصري التركي والتفاهمات بين البلدين، بشكل إيجابي على الساحة الليبية.
كما سيفرض الصراع في السودان، نفسه على المحادثات، باعتبار العلاقات القوية بين أنقرة والخرطوم، بالإضافة إلى قضيتي سوريا والعراق، بسبب “الدور السلبي” التركي تجاه الدولتين العربيتين، في محاولة لإعادة الأمور لمسارها الطبيعي، بحسب السفير جمال بيومي.
ويرى السفير رخا، أنه لا توجد مشكلة بشأن الحدود البحرية بين مصر وتركيا، لكنها بين كل من تركيا وقبرص واليونان، بسبب عدم اعتراف أنقرة بالقانون الدولي البذي بدأ تنفيذه في 1983 والذي يحدد المنطقة الاقتصادية البحرية للدول، معتبرا أن حل هذه المكلة يكون بالحوار بين تركيا مع قبرص واليونان، فيما يمكن لمصر المساهمة في التقريب بينهما، لكنها ليست طرفا في هذه المشكلة، حسب رأيه.
ويعتبر الدبلوماسي السابق، أن عودة العلاقات بين مصر وتركيا إلى طبيعتها، وهما قوتين إقليميتين رئيسيتين، يخدم المصالح المشتركة للدولتين والشعبين ويساعد في تطبيق الدبلوماسية الوقائية، لأن التعاون يساعد في حل المشكلات الإقليمية الأخرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
فيما قال السفير بيومي، إن تركيا دولة إسلامية وشقيقة وتوجد عائلات من أصول تركية في مصر، وتربط البلدين علاقات تاريخية، وعودتها إلى طبيعتها سيعود بمنافع كبير على البلدين، كما تساهم في إعادة السلام لفلسطين وغزة.
وأعرب عن أمله في إعادة تنشيط التعاون بين ما يُعرف بمجموعة الدول الإسلامية النامية، والتي تضم بجانب دول أخرى، كل من مصر وتركيا، داعيا إلى تعزيز التعاون الصناعي والتجاري والتكنولوجي، بين أعضائها.