الرئيسيةاخبار الاقباطعيد ميلاد حزين في غزة.. لا أفراح ولا أجراس هناك

عيد ميلاد حزين في غزة.. لا أفراح ولا أجراس هناك

عام 1954.. بابتسامةٍ واسعة، يظهر فى بطاقة بريدية احتفال رأس السنة الميلادية فى مدينة الناصرة، وأخرى لشقيقات يقفن بجانب شجرة الميلاد، صورة مكتظة بعشرات المواطنين السعداء تسجّل

احتفالات العيد فى بيت لحم، طفلات يحملن دُمَاهنَّ فى البيت الإنجيلى للبنات فى رام الله خلال أعياد الميلاد. مشاهد نشرها المتحف الفلسطينى لاحتفالات عيد الميلاد فى فلسطين وكيف كانت

داخل البلاد المقدسة.. وعام 2023.. المشهد الآن يبدو واضحًا، لا يحتاج لتفنيد، الحُزن والدمار يسيطر على كل شىء، لا عيد ميلاد فى فلسطين كلها وفى غزة تحديدًا، استُبدلت بشجرة عيد الميلاد

مجسمًا للطفل يسوع المسيح حزينًا، خصوصًا بعد أن اتخذ مسؤولو الكنيسة فى القدس وبلدية بيت لحم قرارًا بعدم تنظيم أى احتفال غير ضرورى بعيد الميلاد تضامنًا مع سكان غزة، إذ يتم الاكتفاء

بمجىء بطريرك القدس لإقامة قداس منتصف الليل التقليدى، عشية عيد الميلاد. كما فُرضت قيود على الوصول إلى المدينة من السلطات الإسرائيلية، بعد أن كانت الكنيسة تعجّ بآلاف المصلين من جميع أنحاء العالم.

عيد ميلاد حزين فى غزة

لم يكتفِ الاحتلال الإسرائيلى بمنع الفلسطينيين من الاحتفال بعيد الميلاد، بل دمّر 3 كنائس فى غزة منذ بدء طوفان الأقصى، صبيحة 7 أكتوبر 2023. لا تفرقة بين مسلم ومسيحى فى الدمار الذى سيطال الجميع من إسرائيل.

يعيش فى غزة 1100 مسيحى، وفقًا لتصريحات يوسف ضاهر، منسق مجلس الكنائس العالمى فى القدس.

17 أكتوبر، تعرضت الكنيسة المعمدانية الملاصقة للمستشفى المعمدانى لأضرار جسيمة جراء القصف الإسرائيلى الذى استهدف المستشفى، مخلفًا 500 شهيد و600 مصاب.

قصفت إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضى 3 كنائس، هى: الكنيسة المعمدانية التى تُعد الوحيدة لطائفة المسيحيين البروتستانت، والكنيسة الأرثوذكسية اليونانية، المعروفة باسم كنيسة القديس برفيريوس، وكنيسة العائلة المقدسة للاتين.

19 أكتوبر، تعرضت كنيسة بروفيرويس لعملية قصف من الكيان الصهونى أدت إلى تدميرها، وإحداث تلفيات عديدة بها، وتأثرت بتدمير كلى لمبنى مجلس وكلاء الكنيسة مع أضرار جسيمة لقاعة الصلوات الرئيسية واستشهاد أكثر من 20 شهيدا من العائلات المسيحية التى لجأت للاحتماء بها هربًا من القصف الإسرائيلى.

قال حارس الكنيسة إن أكثر من 400 فلسطينى من المسلمين والمسيحيين كانوا يحتمون بالكنيسة قبل أن تقصفها قوات الاحتلال.

تعتبر كنيسة القديس برفيريوس، التى دمرها الاحتلال الإسرائيلى، فى حى الزيتون، أقدم كنيسة فى المدينة، وأحد المواقع الأثرية الهامة فى غزة، وسميت الكنيسة نسبة إلى القديس برفيريوس الذى دفن فيها، قبر القديس موجود فى الزاوية الشمالية الشرقية للكنيسة.

عيد ميلاد حزين فى غزة

فى اليوم الأول من نوفمبر الماضى، شنّ الاحتلال الإسرائيلى غارة فى محيط كنيسة العائلة المقدسة للاتين خلال صلاة لمدنيين مع أطفالهم داخل الكنيسة، ما تسبب فى أضرار لحقت بالكنيسة والمصلين.

وفى ديسمبر، أطلق قناص من الجيش الإسرائيلى النار على امرأتين داخل كنيسة العائلة المقدسة فى غزة مما أدى إلى مقتلهما، بحسب بيان صادر عن البطريركية اللاتينية فى القدس، التى تشرف على الكنائس الكاثوليكية فى جميع أنحاء قبرص والأردن وإسرائيل وغزة والضفة الغربية.

واستهدفت دبابات الجيش الإسرائيلى دير راهبات الأم تريزا، الذى يؤوى 54 شخصًا معاقًا وهو جزء من مجمع الكنيسة. وقد تم تدمير مولد المبنى، وهو المصدر الوحيد الحالى للكهرباء، وموارد الوقود والألواح الشمسية وخزانات المياه، كما أن صواريخ الجيش الإسرائيلى جعلت الدير «غير صالح للسكن».

«لا أستطيع التواصل مع صديقى حتى أهنئه»

يقول «رامى»- 19 عامًا- إنه يحاول التواصل مع أصدقائه لتهنئتهم بعيد الميلاد، لكنه لم يستطع الوصول إليهم بسبب سوء شبكة الاتصالات وقطعها فى كثير من الأحيان منذ بدء الحرب على غزة.

يروى «رامى» لـ«المصرى اليوم» كيف كانت أجواء الاحتفالات بأعياد الميلاد فى غزة وخان يونس: «فى غزة يوجد 3 كنائس، تضررت جميعًا من القصف الصهيونى، أما فى خان يونس، حيث نسكن أنا وعائلتى فلا توجد كنائس، لكننا معتادون على الاتصال بأصدقائنا المسيحيين فى غزة لتهنئتهم بأعياد الميلاد. ونحنُ كمسلمين نحتفل أيضًا ببداية السنة الميلادية الجديدة، كانت أجواء فرح وسعادة بعكس الدمار والحرب الآن».

يُضيف: «كنا نجلس فى أعياد الميلاد لنرى على شاشة التليفزيون أخبار الاحتفالات، وكيف يكون كل شىء مزيّنًا، وكنا نتابع عبر البث المباشر على مواقع التواصل الاجتماعى إضاءة شجرة عيد الميلاد.. صراحة مشاعر ألفة ومحبة كنا نتشاركها معهم».

«لا أعرف من مات ومن بقى على قيد الحياة».. لا يستطيع «رامى» حصر أعداد الشهداء فى عائلته حتى الآن، كل ما يعرفه أن والده ووالدته وإخوته على قيد الحياة، ويتمنى فقط أن تبتعد الحرب عن عائلته وعن غزة فى العام الجديد.

أمّا عن أجواء الاحتفال فى باقى أنحاء فلسطين فقد ألغت بلدية بيت لحم الاحتفال بعيد الميلاد فى كافة الكنائس، كما أنشأت مغارة «الميلاد تحت الأنقاض» لإرسال دعوة للعالم لوقف عدوان الاحتلال الإسرائيلى على غزة، وسط شموع وصلوات فى ساحة كنيسة المهد، كما أحاطت الساحة بأسلاك شائكة مودّعة الأجواء المبهجة وأضواء عيد الميلاد التى تزيّن الساحة كل عام.

عبّرت رلى معايعة، وزيرة السياحة والآثار الفلسطينية، عن حُزنها بسبب الحرب على غزة، إذ قالت: «مدينة بيت لحم حزينة فى عيد الميلاد هذا العام، وتتألم لكل ما يحدث فى غزة. بيت لحم مختلفة عن السنوات الماضية، لا توجد أى مظاهر للاحتفال وإنما فقط للشعائر الدينية، وهذا ليس قرار رؤساء الكنيسة أو القيادة الفلسطينية وإنما قرار كل فلسطينى».

وأضافت، فى مداخلة نشرها موقع الوزارة على موقع التواصل الاجتماعى، «فيسبوك»: «لا يمكن الاحتفال فى هذا العيد ودماء أبناء شعبنا فى قطاع غزة والضفة الغربية تُراق يوميًا».

وفى الكنيسة الإنجيلية اللوثرية فى بيت لحم، استُبدلت شجرة عيد الميلاد بمجسم للطفل يسوع المسيح حزينًا بين قطع أسمنتية كرمز للدمار والحرب، ملتفًا بالكوفية الفلسطينية وأغصان شجرة الزيتون.

وألغت البلدية فى رام الله كافة الاحتفالات بعيد الميلاد، وذكرت فى بيان صادر عنها ومجلس الكنائس: «فى الوقت الذى يتهيأ فيه العالم لاستقبال أعياد الميلاد المجيدة، نحن هنا فى فلسطين أرض المسيح عليه السلام نستقبل الأعياد بمزيد من الألم والمعاناة».

وأضاف البيان: «قررنا إلغاء كافة احتفالات عيد الميلاد المجيد التى تقام سنويًا فى المدينة، واقتصارها على الخدمات الكنسية بالصلوات والدعاء لأهلنا فى غزة».

أما فى الجليل فقررت الكنيسة الكاثوليكية للروم الملكيين أن تقتصر احتفالات عيد الميلاد المجيد على المراسم الدينية وعدم وجود احتفالات فى الساحات، تضامنًا مع الفلسطينيين فى غزة.

وكان البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، قد أدان فى رسالة الميلاد «الوضع الإنسانى اليائس» للفلسطينيين فى غزة، داعيًا لوقف «العمليات العسكرية فى الحرب بين إسرائيل وحماس والإفراج عن الرهائن الذين مازالوا محتجزين فى القطاع».

وقال البابا: «أناشد أن تتوقف العمليات العسكرية، وتبعاتها المرعبة، بسقوط للضحايا المدنيين الأبرياء، أطلب أن يتمّ معالجة الوضع الإنسانى اليائس من خلال السماح بوصول المساعدات». وأضاف أمام الآلاف فى ساحة القديس بطرس بالفاتيكان: «المسيح يرفض منطق الحرب الخاسر، مع زئير الأسلحة الذى يمنعه حتى اليوم من أن يجد له موضعًا فى العالم».

واختتم كلماته بـ«أوقفوا تأجيج العنف والكراهية، وتوجّهوا إلى حل القضية الفلسطينية، من خلال حوار صادق ومستمر بين الطرفين، تدعمه إرادة سياسية قوية ومساندة المجتمع الدولى».

مقالات ذات صلة
- Advertisment -

الأكثر شهرة

احدث التعليقات