في الوقت الذي وجَّه فيه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بسرعة الانتهاء من صياغة مشروع قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، سادت في الأوساط القبطية المصرية تساؤلات حول ما إذا كان المشروع يمكنه أن يحل مشكلات الطلاق التي تعد واحدة من القضايا الاجتماعية الشائكة.
وتعمل وزارة العدل المصرية على صياغة أول قانون متكامل وموحد ومفصل للأحوال الشخصية للمواطنين المسيحيين. ووفق المتحدث باسم الرئاسة المصرية، فإن السيسي طالب وزير العدل المستشار عمر مروان الذي استقبله مساء الأحد،
بـالتنسيق الكامل مع جميع الأطراف والجهات ذات الصلة، وكذلك إجراء حوار مجتمعي معمق، واستيعاب مختلف الشواغل والآراء التي من شأنها تحقيق الأهداف المنشودة من القوانين لصالح الأسرة المصرية، وتحقيق المصلحة العامة.
وتعد مشكلة الطلاق لدى الأقباط من أكثر المشكلات الاجتماعية تعقيداً، وتؤرق أعداداً كبيرة من الأسر المسيحية؛ إذ لا يُسمح بالطلاق في الكنيسة الأرثوذكسية (أكبر الكنائس المصرية) إلا لـعلة الزنا، أو لتغيير الملة (الانتقال
إلى طائفة أخرى)، حسب القوانين المعمول بها حالياً. كما تمنع الكنيسة الكاثوليكية الطلاق نهائياً، وتسمح بالانفصال الجسدي مع استمرار الزواج، بينما تسمح به (الطلاق) الكنيسة الإنجيلية في حالتَي تغيير الدين، أو الزنا الفعلي.
ووفق تصريحات سابقة لرئيس الطائفة الإنجيلية في مصر، الدكتور أندريه ذكي، فإنه توجد في الكنيسة الإنجيلية ما تُسمى (أسباب بطلان الزواج) وهي عدة أمور إذا حدثت يكون الزواج باطلاً، ولا يحتاج الطرفين إلى طلاق، منها: الهجر، أو اكتشاف مرض خطير لدى أحد طرفي الزواج يهدد الحياة، ولم يكن معلناً عنه، أو اكتشاف أسرار لم تكن معلومة قبل الزواج.
ويعوِّل رئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان، المستشار نبيل جبرائيل على مشروع القانون الجديد، في حل مشكلة الطلاق لدى المسيحيين تماماً، وإنهاء معاناة كثير من الأسر المسيحية، وقال لـالشرق الأوسط،
الاثنين، إن مشروع القانون شاركت في صياغته 4 كنائس (الأرثوذكسية، والكاثوليكية، والإنجيلية، والسريانية)، وهو ليس مشروعاً موحداً لكل الكنائس؛ بل يتضمن قسماً لكل كنيسة، بسبب وجود اختلافات عقائدية حول بعض القضايا.
وحسب جبرائيل، فإن المشروع سيحل مشكلة الطلاق عبر التوسع في مفهوم (الزنا الحكمي)؛ حيث يتضمن مواد تجعل إثبات الزنا أسهل، منها الصور الفوتوغرافية، أو رسائل التواصل الاجتماعي، وأي رسائل ومكاتبات غرامية، كما توجد مواد أخرى تتوسع في أسباب الطلاق، منها الإلحاد، وأن يقع الهجر بين الزوجين لمدة 3 سنوات في حالة عدم وجود أطفال، و5 سنوات في حال وجود أطفال.
وعالج مشروع القانون الجديد مشكلات أخرى عديدة لدى الأقباط في مصر -حسب جبرائيل- منها قضية الميراث: حيث أقر أحكام الشريعة المسيحية التي تأخذ بمبدأ المساواة بين الذكر والأنثى في الميراث، لينهي المعمول به حالياً، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية على المسيحيين.
وتنص المادة الثالثة من الدستور المصري لعام 2014 (الذي تم تعديله عام 2019) على أن مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود، المصدر الرئيسي للتشريعات المنظِّمة لأحوالهم الشخصية، وشؤونهم الدينية، واختيار قياداتهم الروحية.
ويبلغ عدد الأقباط في مصر نحو 15 مليون مواطن، وفقاً لتصريحات صحافية للبابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، في أبريل (نيسان) الماضي.
من جانبه، قال المحامي المتخصص في قضايا الأحوال الشخصية للأقباط، بيتر النجار، لـالشرق الأوسط، إن مشروع القانون الجديد سينهي مشكلات الطلاق لدى المسيحيين، من خلال إقرار أسباب جديدة للطلاق، وتسهيل إثبات
الزنا، مؤكداً أن الأخذ بالرسائل والصور والمحادثات الإلكترونية وغيرها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لإثبات الزنا الحكمي، أمر جيد يعبِّر عن انفتاح على ما يحدث بالعالم، من تضمين الوسائل الحديثة في النظام القضائي.